أسلاكٌ .. وبوابات! أسلاك تمتد تفصل - TopicsExpress



          

أسلاكٌ .. وبوابات! أسلاك تمتد تفصل الحدود الوضعية .. حدود رسمت برغبة لا رهبة من أولئك المطالبين بها.. أرادوا أن يفصلوا بين الحضارة وتاريخها كأنّهم يحسبون رسم الحد يوجد الاستقلال ويكتب بداية لتاريخ دولة حديثة.. هي لعبة سياسية أو ربما قناعة للطرف الآخر .. الأسلاك الشائكة شاخصة للأبصار في كل بقعة على حدود قسرية لأن الجغرافيا لا تعترف بها ولم ترسمها التضاريس، وإنما رسمها الغرور كما تدلل عليه المواقف بين الفينة والأخرى.. وعلى الرغم من تلك الفواصل إلا أن أبناء العمومة لا تفصلهم الأسلاك .. فكل طرف يمثل للآخر مكانة أو مصلحة إنسانية.. وكل هوية تذوب في الأخرى تجسيدًا للأصل الذي يحمل الفرع .. ومهما كانت الأسلاك صلبة في امتدادها وثباتها في الأرض إلا أن أحد الأطراف يمثل قوة شرائية في الرؤية الاستهلاكية.. ودليل ذلك تلك الطوابير الممتدة على بوابات الدخول وجل السيارات تحمل لوحات صفراء فاقع لونها تسر الناضرين... الفكرة هنا ليست لمناقشة واقع سياسي بقدر إثارة الانتباه إلى ظاهرة اقتصادية تقودها توجهات المجتمع في البحث عن مخرج تجاري للتبضع وإيفاء الاحتياجات برغبات متعددة الشكل والمضمون، لا يجدونها في محيطهم أو بين حدود تحركاتهم .. مما دعاهم ليولون وجوههم بمحاذاة تلك الأسلاك ليعبروها كل حسب قدرته المادية إلى بيئة مناسبة مصممة خصيصًا لراحتهم .. مهما شكلت لهم تلك الأسلاك والبوابات من تأخير لكثرة مرتادي تلك الوجهة. تتشكل التنمية الحضارية في توافق المتطلبات التي تتاح للإنسان الذي يعتبر أحد أبرز صانعي التنمية وظواهرها.. فمع تزايد السكان وضعف التنمية العمرانية وتخلف التنمية التجارية من حيث وجود مراكز تجارية مؤهلة يجد فيها الإنسان مبتغاه.. يجد المواطن نفسه يشد رحاله إلى أقرب منطقة تتميز ببيئة تجارية متعددة الخيارات.. وهذا إن دل على شيء إنما يدل على أننا نمتلك قوة شرائية لا تستثمر في واقعنا وبيئتنا الاقتصادية.. كما أن أبلغ رد على المنظرين الاقتصاديين بأن السلطنة لا توجد بها قوة شرائية هو تلك الأفواج التي تتجه مع نهاية كل أسبوع إلى الحدود المجاورة، حيث يشير معظم المستثمرين هناك إلى أن العمانيين يمثلون نسبة كبيرة من قيمة البضائع المتداولة في مراكزهم التجارية.. وأهم سبب هو القيمة المناسبة لأسعار تلك البضائع مع وجود البدائل. في الاتجاه الآخر ومن خلال النظرة الاستثمارية فإننا نعترف بضعف إقبال أصحاب الأموال والعقارات على إيجاد بيئة استثمارية جاذبة لاحتياجات المواطن، فمع أن التنمية تدق أبواب الثلاثة والأربعين من عمرها إلا أننا لا زلنا نبحث عن مجمع تجاري متكامل إلا ما ندر وخاصة في العاصمة التي تمثل ثقلاً سكانيًا كبيرًا.. وهذا يشير بدوره إلى ضعف الإقبال من قبل أصحاب الأموال على المساهمة في أوجه التنمية من قبلهم، فهم لا يقبلون المجازفة في مشاريع مضمونة كإقامة تلك المجمعات، كرد جميل لعربون الود الذي قدمه لهم الوطن، مما يدفع أفراد المجتمع للبحث عن تلك الاحتياجات خارج نطاق هويتهم وخصوصيتهم.. فلو حصرنا عدد المراكز التجارية التي تفي بغرض هذه المرحلة فهي لا تزيد عن اثنين أو ثلاثة وبالأخص في العاصمة .. مما يجعل المؤشر يعطي تدنياً في حساب نطاق التنمية وتوفر البيئات التي تقوي من هشاشة الاقتصاد العماني.. في تداول العملة المحلية داخليًا .. واضعين عراقيل النظرة الدونية التي تتهم المجتمع بأن لديه ضعف في القوة الشرائية.. وهذا لا نصدقه في عالم يعج بكافة وسائل تبادل المعلومة، مهما كانت الخطط.. وما علينا إلا أن نعترف بمسارنا التنموي الاقتصادي في وجود الحاضنات التجارية وإدراك رغبة المستهلك في كافة ميادينها. مع صمود تلك الأسلاك وعلو هاماتها..فإنّ الإنسانية لا تثنيها تلك الممارسات والنظرات الاحتقارية من قبل ممن يقبعون خلفها في الاتجاه الآخر.. ومع اصطفاف تلك السيارات في طوابير إثبات الهوية فإنّ الغاية تبرر الوسيلة.. لأنّ الإنسان يتحلى بالصبر وقت الحاجة، ولا يرمي بثقله في دولة أرادت أن تبني لنفسها هيبة ونظاماً وإنساناً مرفهاً في تحصيل ما يحتاجه لمعيشته وفق العيش الكريم.. وعليه فإنه يجب الالتفات وبقوة إلى تلك الظاهرة التي ستشكل عبأ كبيرًا على الأجيال القادمة.. لأنّ الارتباط بالوطن يحتاج إلى كثير من العطاءات من قبل كل فرد في المجتمع بحسب موقعه وموضعه ورمزه المادي والمعنوي.. وهذه الظاهرة لا تقتصر على المواطن العادي وإنما حتى المسؤولين ومن يمتلكون قوة اتخاذ القرار تجدهم يقضون حاجات أسرهم في تلك البقعة وعبر تلك الأسلاك.. فأعده شخصيًا تناقضًا غريبًا لا أجد له تفسيرًا بحسب ما أملك من قراءة. في العودة تصطف السيارات مشكلة ازدحاما كبيرا.. لكن أصحابها يبتسمون لأنهم حرروا رغباتهم وحققوا طموحات أسرهم .. فمع قطع المئات من الكيلومترات فإن الإحساس بالتعب لا وجود له .. حتى لو قضوا ساعات ينتظرون لإثبات هوياتهم.. فتلك تقاطعات الحياة البشرية.. وتلك هي مستفزات النظرة الطويلة في بناء التنمية.. إن لم تكن أحد مقاييسها التي يتشكل خلالها الإحساس بقوة الإنسانية في محيطها التي تتعايش معه.. إنني أجزم بأن المرحلة القادمة ستكون مرحلة انتباه وبناء حتى لا تتناقص مبادئ التكافل والتكامل الاجتماعي والاقتصادي.. ولتبقى تلك الأسلاك مصدات تعصف بها الرياح.. وتتآكل صدئة مع تعاقب الأزمان... مهما كانت تلك الأيادي الممتدة من كابينات الرغبة والرهبة. هلال بن سالم الزيدي كاتب وإعلامي abuzaidi2007@hotmail الإثنين 8/7/2013 .. الرؤية صفحة الرأي.. ص 12 العدد: 1046 .. alroya.info alroya.info/ar/citizen-gournalist/citizen-journalist-/63526---
Posted on: Mon, 08 Jul 2013 08:07:12 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015