الأساليب المعرفية كمحددات للشخصية - TopicsExpress



          

الأساليب المعرفية كمحددات للشخصية الأنسانية د/ جمال الدين محمد الشامي* مقدمة: لقد اختلفت التفسيرات العلمية للعمليات النفسية باعتبارها متغيراً وسيطاً (داخلي)؛ وذلك وفقاً للمدارس النفسية المختلفة التي تناولتها بالدراسة والبحث. فبينما يرى علماء النفس السلوكيين العمليات النفسية على أنها متغير داخلي يعمل وفقاً للارتباطات بين المثيرات والاستجابات، نجد أن أصحاب النظريات المعرفية قد ركزوا جل اهتمامهم على الطرق التي يستطيع الأفراد عن طريقها تنظيم وتخزين المعلومات في الشكل الذي ييسر تذكرها واسترجاعها وذلك في أثناء تعاملهم مع بيئاتهم المتباينة. ولقد تبنى كثير من الباحثين والمشتغلين بعلم النفس الاتجاه الذي اتخذه أصحاب النظريات المعرفية (علم النفس المعرفي) باعتباره المدخل الأكثر ملاءمة لتفسير السلوك عامة والتعلم خاصة. ومن ثم أصبح هذا الاتجاه أكثر ملاءمة وفهماً لكثير من أساليب النشاط العقلي التي يمارسها الإنسان في كثير من مواقفه الحياتية التي يتفاعل من خلالها مع عناصر البيئة المحيطة به في أشكالها المختلفة. ولذا أصبح علم النفس المعرفي وعلماؤه في مركز ذي أهمية خاصة بين مدارس علم النفس المختلفة. ويشير مصطلح معرفة Cognition إلي جميع العمليات النفسية التي بواسطتها يتحول المدخل الحسي Sensory Input فيطور ويختصر ويختزن لدى الفرد إلي أن يستدعي استخدامه في المواقف المختلفة. ومن أهم العمليات النفسية التي تتعرض لها المدخلات الحسية عمليات الإدراك، والتخيل، والتذكر، والاستدعاء، والتخزين، والتحويل، والتفكير وغيرها من العمليات النفسية المختلفة. ويتضح من ذلك أن المعرفة تدخل في جميع ما يمكن للإنسان أن يفعله أو يمارسه في حياته بصفة عامة. كما يتبين كذلك أن كل ظاهرة نفسية لدى الإنسان هي ظاهرة معرفية. (نادية شريف، 1982) إلا أن الدراسات والبحوث التي تناولت دراسة الإدراك Perception باعتباره أحد العمليات النفسية للفرد، لم تهتم بدراسة شخصية الفرد المدرك في بداية الأمر، ولكن بدأ الاهتمام بدراسة العوامل الشخصية والاجتماعية المحددة للإدراك في أبحاث المؤتمر السنوي للجمعية الأمريكية للدراسات النفسية (A.P.A.)** عام (1949)؛ حيث اهتم علماء الإدراك والشخصية بربط الفروق الفردية في بعض خصائص الشخصية بطريقة الإدراك، ومن ثم أصبحت نظرتهم الجديدة للإدراك من خلال نظريات الشخصية لا باعتبار أن للإدراك دوراً مهماً في تحديد الفروق الفردية في القدرات والذكاء فحسب، بل باعتباره أيضاً وسيلة مهمة في تحديد الفروق المختلفة بين الأفراد في الأساليب المعرفية Cognitive Styles (أنور الشرقاوي، 1985)، والتي تميز الأفراد في تعاملهم مع الموضوعات المختلفة. وهذه الأساليب تدل علي مركبات من الاستعدادات المعرفية والوجدانية، وعلى الطرق المميزة للأفراد في حل المشكلات. وبذلك يتخطى مفهوم الأساليب المعرفية الحدود التقليدية التي سادت في التصورات النظرية للشخصية إلى آفاق أبعد وأعمق؛ حيث تعد النظرة إلى الشخصية من خلال هذا المفهوم نظرة كلية شاملة متكاملة تدخل فيها الجوانب المعرفية والانفعالية ومفهوم الذات وأساليب التكيف. (Witkin & Goodenough , 1981). وعلى هذا تزايد الاهتمام بدراسة الأساليب المعرفية باعتبارها أبعاداً مهمة داخل المجال المعرفي، وميزة مهمة داخل مجال الشخصية؛ حيث يلعب الأسلوب المعرفي للفرد دوراً في العملية التعليمية لا يمكن تجاهله من كونه الطريقة الشخصية التي يستخدمها الأفراد أثناء عملية التعلم. ومن ثم يشير الأسلوب المعرفي إلى نموذج ناشئ أو استراتيجية مفضلة لتجهيز المعلومات. (فاطمة فريد، 1986) ويؤكد ذلك وتكن (Witkin et Al, 1977) حيث يرى أن كلمة أسلوب Style تعني بعداً ذا صفة خاصة أو طريقة مميزة تواكب سلوك الفرد في نطاق واسع من المواقف، ولأن هذا الأسلوب يشمل كلاً من الأنشطة الادراكية والمعرفية فقد سمي بالأسلوب المعرفي. ومن ناحية أخرى فالقدرات العقلية في جوهرها أنماط أو استراتيجيات معرفية، وتشمل في هذا ما يسمى بالعمليات المعرفيةCognitive Processes في الإطار التجريبي و الأساليب المعرفية في الإطار الفارق.(فؤاد أبو حطب، 1990) ومن ثم فقد ظهر العديد من الدراسات والبحوث التي تناولت موضوع الأساليب المعرفية، وقد اهتمت هذه الدراسات بدراسة الفروق الفردية في الإدراك، وتحت المستوى العتبي للإدراك Subliminal Perception، واختلاف الدفاعات الإدراكية Perceptual Defens، الأمر الذي كان له دور كبير في ظهور عدد وفير من الأبحاث التي تناولت الأساليب المعرفية عند وتكن وزملائه ، والضوابط المعرفية Cognitive Controls بواسطة مجموعة منجر Menger-Group التي نظرت للأساليب المعرفية على أنها أنماط من الضوابط المعرفية التي تميز الفرد عن غيره من الأفراد. (Witkin & Goodenough , 1981؛ بدوي علام، 1985؛ جمال محمد علي، 1987)
Posted on: Thu, 24 Oct 2013 13:17:41 +0000

Trending Topics




© 2015