عبد الغني بنكروم فقهاء الحداثة: - TopicsExpress



          

عبد الغني بنكروم فقهاء الحداثة: هابرماس مثلا. 01 أغسطس 2007 * كل نظام حكم بدون استثناء يعتبر جائرا وقاهرا بالنسبة للعمال بينما الأغنياء والأطر العاملة من أجله يدعمونه أو يسعون إلى إصلاحه خوفا من انهياره حتى ولو كان على رأسه إبليس. عبد الغني بنكروم- كندا -- هذا صنم ألماني أحطمه على رؤوس الأشهاد. كثرت الفتاوى هذه الأيام كل يلغو بِلُغَتِه. ففي حين يجد المسلمون أمامهم عالما فلت من أيديهم نجد الحداثة الأوربية في مأزق لا تحسد عليه. هل هي مشيئة القدر أن يظل هذا وذاك على هامش ما يجرى يهرول ولا يلحق بشئ؟ يلد له الزمن ما لم يكن ينتظره؟ فتاوى الأزهر مضحكة. نزلت إلى مستوى الفتاوى الشيعية من حيث قلة المنطق والمعقول. يريدون إسلاما يزكي الحالة المفروضة من فوق. ما أصعبها وضعية جعلت الفقيه يضرب أخماسا في أسداس. فتاوى العلمانيين مضحكة أكثر حين يسعى الواحد من الحداثيين إعادة عجن الإسلام ليستخرج منه حداثة معاقة. إذا كانت الحداثة إيديولوجية مصاحبة للنظام الرأسمالي الغربي وابنته الشرعية كيف يمكن العثور عليها في الإسلام؟؟ لهذا جاءت الفتاوى الإسلامية من الحداثيين معوجة عوج وضعية أصحابها. دعنا من هذه الحالة المحزنة جدا عند الأعراق المتخلفة مثل العرب والترك والأكراد والأمازيغ والقبائل الجزائرية…إلخ الذين لا زالوا في الحاجة للخروج من أسر العرق والوطن بسبب التخلف التكنولوجي والتواصلي. ولنرى حالة الحداثة كما هي عند صناعها المتفوقين. ربما كان البحث في المصدر أجدى من محاكمة التابع. لنبدأ بهابرماس فقيه الحداثة الذي لا يشق له غبار وصاحب الفتاوى بمثابة قضاء لا راد له. كيف يحاول هذا الرجل الخروج من المأزق وهو كلما رفع رجلا غاصت الأخرى في الوحل أكثر؟ يرى هابرماس أن الحداثة كما تم تحنيطها في الخمسينيات من هذا القرن هو سبب مشكلتها وليس العيب في أنوارها. إنها مسألة ” التحديث” التي فصلت الحداثة عن عقلانيتها لأن عمليات التحديث بدأت تسير على نهج ثابت لا يراعي الزمان والمكان. حسب هابرماس فإن هذا التحنيط لمفهوم الحداثة هو ما أدى إلى ظهور تيار ” ما بعد الحداثة”. وبمعنى أوضح فإن تيار “ما بعد الحداثة” لم يكن ليوجد لولا أن الحداثة أصبحت ميكانيكية وجامدة منذ الخمسينيات. يتهمها باستقلالها عن التطور وانفصام عروتها مع العقلانية التي جاء بها الأوائل من الأوربيين. ها هو يرفع رجلا من وحل الحداثة فيتبرأ منها كخيار لم يناد به السلف الصالح. يتحدث عن انزلاق أو بلغة الفقهاء عن: مروق. إنه يريد حداثة قابلة للتطور بمعنى أنه يفتح ” باب الاجتهاد” الذي أغلقه فقهاء الحداثة المتزمتون حين أعلنوها وصفة جاهزة وحلا صالحا لكل مكان وزمان. ما الفرق بين فقيه إسلامي يتهم ما هو قائم من تخلف بالخروج عن الدين ” القويم” وبين مفتي الحداثة حين يرجع أزمتها ليس لقصور في ذاتها وإنما لانزلاق في تطبيقها؟؟ سبحان الحداثة التي جعلت لها حراسا وذكرا محفوظا. إن فتح باب الاجتهاد كما يدعو إليه فقيه الحداثة هو دليل رغبة في حِراستها عن طريق “إصلاحِ”-ها. إنه يقوم هنا بدور جمال الدين الأفغاني والشيخ محمد عبده لكن في سياق غير سياق الإسلام. الرِّجْـل الأخرى لهابرماس تزداد غرقا في وحل الحداثة حين يريد الرد على الذين يرون أن عصر الأنوار انتهى وما تعيش أوربا الآن إلا نتائجه وعن الفوضوي هاديغر حين يعتبرها رغبة في تملك القوة لا أقل ولا أكثر. يهرب هابرماس إلى الماضي معتبرا أن العقلانية لصيقة بأوربا، وأوربا مُكَرَّمة بها دون سواها من الأقوام مستشهدا بما قاله ماكس فيبر في هذا الصدد . لكن ليس هذا هو الجواب الفعلي وإنما هو أن الحداثة الأوربية ظهرت قبل عصر الأنوار بثلاث عقود أي منذ القرن الخامس عشر، ثم يستنجد بهيكل معتبرا أن الحداثة كمسمى تمت تسميتها بعد الوعي بالتاريخ: بالماضي والحاضر كمرحلة تهيئ للمستقبل. وبناء عليه فإن الحداثة بدأت منذ القرن الخامس عشر لكن دون أن تسمى كذلك بل سميت ب”الأزمنة الجديدة”. ماذا أضاف بعد أن هرب إلى الوراء؟؟ إنه تأصيل للعقلانية في أوربا وتمجيد للتاريخ الأوربي الذي ليس في حاجة إلى “عصر الأنوار” ولا لغيره من الأقوام ما دامت العقلانية ملكه وديدنه منذ القدم! إنه فقه الحداثة بامتياز! كأن عصر الأنوار لم يكن قطيعة مع الماضي وإنما استمرارا له ! وهب جدلا أنه كذلك فأين مصدر الأزمة ؟ هل هو هيجل ومن معه؟؟ ولو فرضنا أن الحداثة بدأت مع روما القديمة كما أشار إلى ذلك هابرماس حين استشهد بروبيسبيير، فهل الرجوع إلى الوراء ( لْحزاقْ) يفك من الموت؟ أم أن هابرماس يهيب بالأوربيين التشبت بأفكار السلف الصالح الذين كانوا عقلانيين منذ الأزل أو على الأقل منذ القرن 15 ؟؟؟ إنها أصولية رجعية. ألم يكونوا مسيحيين منذ الأزل إلى يومنا هذا ؟ وإلا من هو ذلك البابا الذي في الفاتيكان يفتي بالجهل الواضح ؟؟ أم أن البابا عقلاني بمقاييس هابرماس ؟؟ ما الفرق بين داعية الحداثة هذا مع الذي يرى أن معركة الفيل كانت نصرا للإسلام؟؟؟ كأنَّ كفار قريش مسلمين وهم يواجهون أهل الكتاب عدة عقود قبل النبوة وكأن كفار الحداثة الذين كَـنَسهم عصر الأنوار هم اللبنة الأولى لبنائها. لهذا قال قائل إسمه أدونيس فيما أظن، أن فكر الحداثة ظهر قبل الإسلام بشبه الجزيرة العربية. ولو كنت أفهم الصينية لسمعتهم يقولون أن الحداثة ظهرت قبل كونفوشيوس. إنها أصولية الحداثة يا صاحبي! لقد جعل هابرماس عصر الأنوار جوهرا واعتبر ما بعده انزلاقا عن جادة الصواب وأسرا للحداثة في قفص فولاذي لكنه سرعان ما يستنجد بالتاريخ ليجد للحداثة ” جذورا” ضاربة في أعماق أوروبا وأن عصر الأنوار ليست بالأهمية التي له وإنما مجرد نتاج لتطور العقلانية هناك. لم يكن ثورة إذن وإنما نتيجة عادية لعقلانية متجذرة تمتاز بها “أمة هابرماس”. نعم! نتج عن التطور ” عصر أنوار” مختلف، وثلاث محطات مختلفة: القديم، الوسيط، الجديد، لكنَّ ذات التطور لن ينتج غير حداثة أبدية. كأني بهارماس يقول: ” ومن يبتغ غير الحداثة دينا فلن يقبل منه”. لكن الطامة الكبرى هي أن هذه الحداثة مشروع غير مكتمل من منظوره ومن منظور غيره ممن هم من نفس الفرقة الكلامية ( السوسيولوجيا النقدية). ولهذا قال قائل أظن أنه أدونيس أيضا ب”الهوية غير المكتملة” وآخر سيقول ب” الديمقراطية غير المكتملة”…إلخ. إنه فقه الحداثة حين يفتح باب الاجتهاد على مصراعيه في محاولة جادة للترقيع وإنقاذ ما يمكن إنقاذه. إن القول بأن الحداثة مشروع غير مكتمل يعني من بين ما يعنيه أنه وجب إكماله! سد الثقوب فيها عن طريق إصدار فتاوى ” إصلاحية” من فقهاء الحداثة حتى تكتمل. وحين تكتمل سيقول لنا هابرماس حينها: ” اليوم أكملت عليكم نعمتي ورضيت لكم الحداثة دينا”. لكن العجيب والغريب هو أن التاريخ يزحف دائما بما لا تشتهيه سفن الفقهاء كأن الخلل فيه وليس في ما ينظرون. لو اقتصر الأمر على هذا لهان الخطب لكن الفقيه هابرماس يفتي أيضا في التقدم التكنولوجي كمآل الهندسة الوراثية مثلا ( الاستنساخ). ولو علمنا أن هابرماس لا يعرف عن الكيمياء العضوية وغير العضوية إلا كما تعرف العرب عن العنقاء إسما لطائر لأخذتنا الدهشة من رجل يحشر أنفه فيما لا علم له به. إنه بحاجة إلى تقرير العلماء ليصفوا له أين وصلت الأمور ثم بعد ذلك يفتي بفتواه لذات العلماء ماذا يجب فعله. لقد فات الأوان. تظهر الحداثة هنا كإله لا يتحكم في مخلوقاته. إله أطلق صخرة ولما تدحرجت عجز عن إيقافها . ويظهر هابرماس قزما أمام التقدم العلمي وكفقيه أزهري يفتي فيما إذا كان زرع الأعضاء جائزا أم لا بعد أن كللت آلاف العمليات بالنجاح. يتدخل هابرماس فقيها حداثيا وليس أزهريا ليوقف العِلْم عند حده: ” إذا كان العلماء ديمقراطيون وحداثيون فلابأس من التقدم لأن ذلك لا يشكل خطرا على العالم”. أما إذا كانوا سيخا من الهند مثلا فتلك مصيبة كبرى. نعم! تلك مصيبة كبرى لأن كثيرا من العلماء ليسوا بالضرورة ألمانيين. لكن ما العمل يا هابرماس الذي يفتي فيما لا يفقه فيه وبعد فوات الأوان؟؟ تدميرهم عن بكرة أبيهم؟؟ ما أحسبك إن قلت بهذا إلا ميالا للمركزية الأوربية متظاهرا بخدمة الإنسانية كما هو دأب كل ديماغوجي. إن كنت تريد استنساخ “مواطن ديمقراطي” بفعل التربية والأخلاق فإن العلماء لهم رأي آخر مختلف. فالهث خلفهم تحصد الريح كما هي عادة الفكر المُدَجِّن للناس مواطنين صالحين. إن التكنولوجيا جاءت لتدمر سقوف الأوطان وتلغي حدودها وتمنع استنساخ العقول على شكل قطيع يثغو داخل حظيرة إسمها مثلا ” ألمانيا الديمقراطية” . فالزم حدودك يا فقيه وافت فيما علمتك الحداثة من مثال: هل البرلمان الذي يوجد به فقراء حداثي أم لا ؟؟ وهل الحرب على العراق من شطط الحداثة أم من جوهرها؟ …إلخ. يظهر جليا أن فقه الحداثة لم يعد يقاوم فكريا غير أفغانستان وباكستان لذلك كان سلمان رشدي أكثرهم شهرة وأفضلهم مقاما وهو لم يفعل سوى أن استهزأ من عقل قبلي في طريق الانقراض بقوة التاريخ. أما أن يقاوم هذا الفقه زحف التاريخ الذي يُحْدِث ما لا قِبَل له به فذلك أمر صعب جدا عليه. بمعنى أن الحداثة لما بهتت أنوارها غمست نفسها في أفغانستان وباكستان لأن النور الخافت لا يرى إلا في حلكة الظلام. * كل ما نسبته لهابرماس يوجد في مقالتيه الآتيتين: 1- La modernité : sa conscience du temps et son besoin de trouver en elle-même ses propres garanties. Pp 1-13 in Le discours philosophique de la modernité Paris, Bibliothèque de philosophie, Gallimard, 1988 ISSN : 2-07-071272-9 2- « La modernité : un projet inachevé » pp 950-965 in Critique, 413 (vingt ans de pensée allemande), Octobre 1981. ISSN 0011-1600. الهوامش : 1- انظر مقال الدكتور عبد الله عصام في هذا الرابط: doroob/?p=19063 2- يشير إلى ذلك في المقال أعلاه :” “la modernité : sa conscience du temps… 3- أنظر مقال الدكتور عصام عبد الله في هذا الرابط: doroob/?p=13017 4- صورة مأخوذة من المقال الساخر للكاتب الهولندي سلوتر دايك: « Les temps modernes comme mobilisation » pp 55-74 in la mobilisation infinie, Paris,Coll Points, Christian Bourgeois éditeur 2000 ISBN 2-76377882-2 5- للمزيد من التفاصيل انظر مقالي ” من انعدام الشعب إلى أفول الحضارة” في هذا الرابط: doroob/archives/?p=19720
Posted on: Fri, 01 Nov 2013 07:32:44 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015