قبل السّــرد .... حين ظهرت "الق ق ج" - TopicsExpress



          

قبل السّــرد .... حين ظهرت "الق ق ج" لأوّل مرّة في العالم العربي، استقبلت بتهجين و امتعاض من طرف البعض .. و لكن الاقبال عليها من طرف الأدباء ، و القرّاء عموماً ، جعل الفئــــة الممتعضة تعيد النّظر، و تقبل على هذا الفنّ الجميل، و تساهم في الإبداع. كما كان الأمر بالنّسبة للشّعر الحديث. إلا أنّ الإشكال و المعضلة ، أنّ هذا الإقبال كان من أهمّ أسبابه استسهال النّاس لهــذا الجنس الأدبي ، و حَسبُ المرء خطأ أنْ يسير في طريق يجهله ، بدون معالم دالة ، و لا خريطة واضحة ,,,فكان هذا الكمّ اللاّ متجانس من الإبداع و في وقت قصير.حتّى فوجئنا بمن يدّعي أنّه كتب ثلاثة أو أربعة نصوص في اليوم الواحد ، بمعدل مجموعة قصصية في الشّهر. و هذا لعمري ، لهو الابتذال المحض ، و الاستسهال المريع ، إذ أصبح المبدع ، إنْ كان مبدعاً ؟! عبارة عن آلة طباعة فورية Instant printing machine أقول هذا ، لأنّنا بصدد مجموعة قصصية قصيرة جداً مختلفة ، و بعيدة عن الابتذال و الاستعجال و الارتجال .. للقاص د شريف عابدين الذي أدرك منذ البداية ، أنّ فنّ القصّ القصير جداً، موهبة ، و أدوات ، و دراسة ، و مهارة .. فلم يعتمد موهبته خالصة ، بل عَمد إلى صَقلها و إثرائها ، و لم يكتف بالأدوات المعتادة ، و هو يكتب في فنّ أدبي حديد، بل طوّر أدواته عن طريق البحث و الدّراسة ، و التماس الجديد من الأساليب ، و شتّى الطّرائق المختلفة ، حتّى لا تكرار و لا نمطية ...في الشّكل أو تأدية المعنى .. و كمتتبع لإنتاجه القصصي أستطيع أن أشير لبعض سمات كتابته : 1ــ توظيف الثّنائية اللّغوية ، التي تفرز المعنى ، و تفتح آفاق الدّلالة . 2ــ التّسريد : لا إيمان بسرد خارج النّص ، بل السّرد قوام النّص و دعامته . 3ــ في هذا المجال الدّقيق ، الذي يضيق فيه السّرد ، و تضغط اللّغة ، و يكثر الحَذف ، و الإضمار.. يختار القاص نوعين ، أو أسلوبين لنسج تخيلاته ، و تحديد مرائيه : أ ـــ القصّة الومضة (flash story ) ب ـــ القصّة الصّدمة (story shocking) / أو المفاجأة ( Sudden) لهذا يختفي الفائض اللّغوي أو يكاد ، بل تقلّ الدّلالات المعجمية للّغة المعيارية ، و يكثر الانزياح ، واللّغة المجازية ، فتصبح الكلمات ذات دلالات، لا تكشف عن جوهر الموضوع، بقدر ما تتبلور تلميحات ، و إيحاءات .. تجد لها تأويلات و قراءات .. لدى القارئ الذي يعشق الإشارة و الرّمز ..فكلّ نص في المجموعة ، يجسّد لحظةَ اكتشافٍ لتناقضات عصرنا الحاضر، و يصلّت الضّوء على تجليات الوعي الشّقي، الذي استفحل و تفاقم ، حتّى غدا وجه عالمنا مفعما بالتناقضات و المفارقات ... هذه المجموعة ــ بعد المجموعة الأولى " تلك الحياة " ــ من خلال تركيبها الفنّي ، و لغتها السّردية الآسرة ، و نظام ترميزها الثّري بالإضاءات و الإشرافات ، و اعتمادُ القفلة/ السّبب و النّتيجة ، بدون مغالاة و لا مباشرة ، و اعتماد الصّمت عن أشياء كثيرة ، ليحظى المتلقي برصدها و إدراكها ..كلّ ذلك و غيره كثير.. حقّق متعة القراءة القصصية ..و ساهم في ترسيخ قدم "الق ق ج " في مصر الأدب ، و بشّر من جديد ، بميلاد قاص عتيد ... د مسلك ميمون / المغرب فاتح شعبان 1434 / 11/06/2013
Posted on: Tue, 03 Sep 2013 05:19:44 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015