نظرية البنائية وتطبيقاتها - TopicsExpress



          

نظرية البنائية وتطبيقاتها التربوية لفاطمة المدني. المدرسة البنائية Constructivism School: تعد من أكثر المداخل التربوية التي ينادي بها التربيون في العصر الحديث، وهي تتداخل مع الإدراكية في كثير من النقاط إلا أنها تتميز عنها بتأكيدها على توظيف التعلم من خلال السياق الحقيقي، والتركيز على أهمية البعد الاجتماعي في إحداث التعلم. والمدرسة البنائية لها أكثر من منظور في التعلم، وهي بشكل عام تؤكد على أن الفرد يفسر المعلومات والعالم من حوله بناء على رؤيته الشخصية، وأن التعلم يتم من خلال الملاحظة والمعالجة والتفسير أو التأويل، ومن ثم يتم الموائمة أو التكييف للمعلومات بناء على البنية المعرفية لدى الفرد، وأن تعلم الفرد يتم عندما يكون في سياقات حقيقية واقعية، وتطبيقات مباشره لتحقيق المعاني لديه. والتعلم البنائي يرى أن المتعلم نشط وغير سلبي وأن المعرفة لا يتم استقبالها من الخارج أو من أي شخص، بل هي تأويل ومعالجة المتعلم لأحاسيسه أثناء تكون المعرفة، والمتعلم هو محور عملية التعلم بينما يلعب المعلم دور الميسر ومشرف على عملية التعلم، ويجب أن تتاح الفرصة للمتعلمين في بناء المعرفة عوضًا عن استقبال المعرفة من خلال التدريس، وأهم نشاط في التعلم البنائي هو التعلم الواقعي situated learning، والذي يرى أن التعلم يتم في السياق contextualize. وللبنائية في التعلم أوجه متعددة، حيث أكدت أعمال بياجيه "Piaget,1960"، وبرونر "Bruner،1990" على فكرة أنه ما يحصل في العقل يجب أن يكون قد تم بنائه بالفرد عن طريق المعرفة بالاكتشاف، مع التركيز على عملية التمثيل assimilation، والتكييف accommodation للمعرفة، ويكون الإحساس بالمعنى متلازم مع التفسير الذاتي للفرد، بينما يؤكد ديوي Dewey على أن المعرفة تتم من خلال النشاط والخبرة وفي ربط الأشياء والتي يتم فيها التفاعل مع البيئة بما فيها الشق الاجتماعي، والتعلم عملية نشطة للبناء، وليست اكتساب للمعرفة، وأن المعرفة لا تقتصر على الحالة العقلية mental state، بل تتجاوز ذلك إلى الخبرة في علاقات الأشياء ببعضها، وليس لها معنى خارج هذه العلاقات. وفي منظور آخر يقدم فيجوتسكي Vygotsky التعلم البنائي الاجتماعي Social constructivism والتي يؤكد فيها على السياق الثقافي والاجتماعي للتأثير على التعلم من خلال تفاعل الأطفال مع اقرأنهم والآباء والمعلمين في التطوير الإدراكي cognitive development، ويرى هانج Hung أن البنائية تركز على التالي: - التعلم هو عملية بنائية نشطة، ولا تتم عبر اكتساب سلبي للمعرفة. - يمكن أن تبنى المعرفة في سياق اجتماعي. - أن تفسير المعرفة يعتمد على عاملين، وهما المعرفة والاعتقادات السابقة في الذاكرة، وعلى السياق الثقافي والاجتماعي الذي تبنى من خلاله. أهم خصائص التعلم من المدخل البنائي: تبرز خصائص التعلم البنائي في عدد من النقاط، ومنها ما يلي: - المتعلم يبني الترجمة الخاصة به للعالم بالاعتماد على التجارب والتفاعل. - المعرفة مضمنه في السياق الذي تستخدم فيه "المهام الحقيقية تعطي تعلم ذو معنى في الأوضاع الواقعية". - يولد فهم جديد عن طريق تجميع المعرفة من مصادر متنوعة تلائم المشكلة التي يتم دراستها "استخدام مرن للمعرفة "flexible use of knowledge. - الاعتقاد بان هناك أكثر من طريقة، وأكثر من منظور لتنظيم العالم وكياناته "منظور متعدد للبنيه في بيئات التعلم". - الاعتقاد بان المعاني توجد بواسطة الأفراد عوضًا عن تواجدها في العالم بشكل مستقل. نظرية التعلم البنائية: نظرية التعلم البنائية، والتي رائدها جان بياجيه، نظرية مختلفة عن نظريات التعلم الأخرى، فبياجيه يرى أن التعلم يكتسب عن طريق المنبع الخارجي. وتعد نظرية التعلم البنائية أو "التكوينية" من أهم النظريات التي أحدثت ثورة عميقة في الأدبيات التربوية الحديثة خصوصًا مع جان بياجيه، الذي حاول انطلاقًا من دراساته المتميزة في علم النفس الطفل النمائي أن يمدنا بعدة مبادئ ومفاهيم معرفية علمية وحديثة طورت الممارسة التربوية، كما أنه طبق النتائج المعرفية لعلم النفس النمائي على مشروعه الأبستيمي "الابستمولوجيا التكوينية"، ولمقاربة هذه النظرية البنائية في التعلم سيتم أولا التعريف على أهم المفاهيم المركزية المؤطرة لها، ثم أهم مبادئها، وبعد ذلك سيتم التعرف على الأبعاد التطبيقية لهذه النظرية في حقل التربية، تهتم النظريات المعرفية بدراسة العمليات العقلية الداخلية التي تحدث داخل عقل المتعلم من كيفية اكتسابه للمعرفة، وتنظيمها، وتخزينها في ذاكرته: 1- تنظر إلى عملية التعلم كعملية نشطة بناءة. 2- عرض عمليات ذات مستويات عليا في التعلم. 3- الطبيعة التراكمية للتعلم والدور المهم الذي تلعبه المعرفة السابقة لدى المتعلم. 4- الاهتمام بالطريقة التي تعرض بها المعلومات. 5- الاهتمام بتحليل مهام التعلم والأداء بما يتفق مع العمليات الذهنية. المفاهيم الرئيسة في نظرية التعلم البنائية: - مفهوم التكيف: التعلم هو تكيف عضوية الفرد مع معطيات وخصائص المحيط المادي والاجتماعي عن طريق دمجها في مقولات وتحويلات وظيفية، والتكيف هو غاية عملية الموازنة بين الجهاز العضوي ومختلف حالات الاضطراب واللاإنتظام الموضوعية أو المتوقعة، والموجود في الواقع، وذلك من خلال آليتي التلاؤم والاستيعاب: - التلاؤم هو تغيير في استجابات الذات بعد استيعاب معطيات الموقف، أو الموضوع باتجاه تحقيق التوازن. - الاستيعاب هو إدماج للموضوع في بنيات الذات، والملائمة هي تلاؤم الذات مع معطيات الموضوع الخارجي. - مفهوم الاستيعاب والتلاؤم: هو مفهوم أخذه بياجيه من البيولوجيا، فالاستيعاب هو أن تتم عملية دمج المعارف والمهارات ضمن النسيج المعرفي حتى تصبح عادة مألوفة، والتلاؤم هو عملية التغير والتبني الهادفة للحصول على التطابق بين المواقف الذاتية مع مواقف الوسط والبيئة. - مفهوم الموازنة والضبط الذاتي: الضبط الذاتي هو نشاط الذات باتجاه تجاوز الاضطراب، والتوازن هو غاية اتساقه. - مفهوم السيرورات الإجرائية: إن كل درجات التطور والتجريد في المعرفة، وكل أشكال التكيف، تنمو في تلازم جدلي، وتتأسس كلها على قاعدة العمليات الإجرائية، أي: الأنشطة العملية الملموسة. - مفهوم التمثل والوظيفة الرمزية: التمثل، عند جان بياجيه، ما هو سوى الخريطة المعرفية التي يبنيها الفكر عن عالم الناس والأشياء، وذلك بواسطة الوظيفة الترميزية، كاللغة، والتقليد المميز، واللعب الرمزي... والرمز يتحدد برابط التشابه بين الدال والمدلول، أما التمثل، فهو إعادة بناء الموضوع في الفكر بعد أن يكون غائبًا. - مفهوم خطاطات الفعل: الخطاطة هو نموذج سلوكي منظم يمكن استعماله استعمالا قصديًا، وتتناسق الخطاطة مع خطاطات أخرى لتشكل أجزاء للفعل، ثم أنساقًا جزئية لسلوك معقد يسمى خطاطة كلية، وإن خطاطات الفعل تشكل، كتعلم أولي ذكاء عمليًا هامًا، وهو منطلق الفعل العملي الذي يحكم الطور الحسي- الحركي من النمو الذهني. مبادئ التعلم في النظرية البنائية: من أهم مبادئ التعلم في هذه النظرية: التعلم لا ينفصل عن التطور النمائي للعلاقة بين الذات والموضوع؛ التعلم يقترن باشتغال الذات على الموضوع وليس باقتناء معارف عنه؛ الاستدلال شرط لبناء المفهوم، حيث المفهوم يربط العناصر والأشياء بعضها ببعض والخطاطة تجمع بين ما هو مشترك وبين الأفعال التي تجري في لحظات مختلفة، وعليه فإن المفهوم لا يبنى إلا على أساس استنتاجات استدلالية تستمد مادتها من خطاطات الفعل؛ الخطأ شرط التعلم، إذ أن الخطأ هو فرصة وموقف من خلال تجاوزه يتم بناء المعرفة التي نعتبرها صحيحة؛ الفهم شرط ضروري للتعلم؛ التعلم يقترن بالتجربة وليس بالتلقين؛ التعلم هو تجاوز ونفي للاضطراب. النظرية البنائية في حقل التربية: حسب جان بياجيه التعلم هو شكل من أشكال التكيف من حيث هو توازن بين استيعاب الوقائع ضمن نشاط الذات، وتلاؤم خطاطات الاستيعاب مع الوقائع والمعطيات التجريبية باستمرار، فالتعلم هو سيرورة استيعاب الوقائع ذهنيًا والتلاؤم معها في نفس الوقت، كما أنه وحسب النظرية البنائية مادام الذكاء العملي الإجرائي يسبق عند الطفل الذكاء الصوري، فإنه لا يمكن بيداغوجيًا بناء المفاهيم والعلاقات، والتصورات والمعلومات، ومنطق القضايا إلا بعد تقعيد هذه البناءات على أسس الذكاء الإجرائي. وعليه، وحسب بياجيه، يجب تبني الضوابط التالية في العمل التربوي والتعليمي: جعل المتعلم يكون المفاهيم، ويضبط العلاقات بين الظواهر بدل استقبالها عن طريق التلقين؛ جعل المتعلم يكتسب السيرورات الإجرائية للمواضيع قبل بنائها رمزيًا؛ جعل المتعلم يضبط بالمحسوس الأجسام والعلاقات الرياضية، ثم الانتقال به إلى تجريدها عن طريق الاستدلال الاستنباطي؛ يجب تنمية السيرورات الاستدلالية الفرضية الاستنباطية الرياضية بشكل يوازي تطور المراحل النمائية لسنوات التعلم؛ إكساب المتعلم مناهج وطرائق التعامل مع المشكلات، واتجاه المعرفة الاستكشافية عوض الاستظهار؛ تدريبه على التعامل مع الخطأ كخطوة في اتجاه المعرفة الصحيحة؛ اكتساب المتعلم الاقتناع بأهمية التكوين الذاتي. تمهيد لنظرية بياجيه: نظرية بياجيه، وهو عالم سويسري، وفي الأصل عالم بيولوجي، ثم تحولت اهتماماته إلى دراسة تطور التفكير عند الأطفال، حيث درس تعلم الأطفال، ومراحل نموهم العقلي لمدة خمسين عامًا. وكون مدرسة في هذا المجال تعرف بمدرسة جنيف الفكرية، حيث تتميز عن مدرسة هارفاد في أمريكا التي قادها "برونر" وتتميز عن المدرسة الروسية التي كان رائدها " فيجوتسكي ". أظهر علماء النفس الأمريكان الاهتمام الأكبر لذلك الاتجاه، ومنهم "برونر" عالم النفس الأمريكي الذي طُلب إليه النهوض بالتربية العلمية في أمريكا لما لحق بها من تخلف جراء نزول القمر الروسي على سطح القمر قبل القمر الأمريكي، وعقد "برونر" مؤتمرًا لخص فيه أبرز أفكاره في كتاب عام 1966 لمعالجة ذلك التخلف والنهوض بالتربية العلمية الأمريكية، وقد استفاد من بياجيه مما ساعده على بلورة نظريته "نظرية التعلم بالاكتشاف"، وهي حصول الفرد على المعرفة بنفسه. وتبعه في التأثر "أوزبل " في كتابه الذي صدر عام 1968، ونادى بأهمية التعلم اللفظي ذي المعنى. اهتم علماء نفس التطور بمحاولة فهم العمليات العقلية عند الطفل، وعلى المتغيرات التي تؤثر في تطور هذه العمليات. رفض بياجيه نظريتين حاولتا تفسير كيفية حدوث الفهم لدى الأطفال: النظرية الأولى: التي حاولت تفسير الفهم بأنه أمر وراثي بيولوجي. النظرية الثانية: التي ركزت على أهمية البيئة كعنصر وحيد في حدوث الفهم. درس بياجيه النمو المعرفي عند الأطفال من خلال الملاحظة الدقيقة لسلوكياتهم، وكيفية تطور بعض المفاهيم لديهم مثل: الفراغ، والزمن، والحجم، والطول، والمنطق … الخ. وقد توصل إلى أن عنصري البيئة والوراثة تؤثران معًا على تطور النمو المعرفي للطفل. يرى بياجيه أن الطفل في الأساس لا يولد مبرمجًا جاهزًا، كما أنه ليس خاضعًا للبيئة بشكل كلي، بل يتفاعل الطفل مع بيئته بحيث تعمل البيئة على تشكيله، ويعمل هو على تشكيلها، أي: أن الطفل مشارك نشط في تطور نفسه، وليس كائنًا حيًا سلبيًا تعمل البيئة على تشكيله، فالتفاعل وفرص التعلم النشط أمور حيوية في تطوره. ظهر تأثير أفكار بياجيه في فترتين: الأولى: في ثلاثينيات هذا القرن حيث ظهر تأثيره على حركة التربية التي نادت بالبدء بالتعليم في مرحلة الطفولة المبكرة. الثانية: في ستينيات هذا القرن حيث ظهر تأثيره على حركة إصلاح المناهج، وخاصة مناهج وطرت تعليم العلوم والرياضيات للسنوات الأولى من المرحلة الابتدائية. معالم أفكار بياجيه: ورد عن بياجيه معالم عديدة هامة كان لها أثر كبير على المدرسة الابتدائية أهمها: 1- أن التطور العقلي عند الطفل عملية نشطة، وسلوكه الذكي قابل للنمو. 2- أن تفكير الطفل يختلف من حيث النوع عن تفكير الراشد. وجد بياجيه أن هناك علاقة وثيقة بين البنية الإدراكية "العقلية" للطفل، والتغيرات التي تحدث للأشياء المحيطة به في بيئته، وأن التطور العقلي لدى الطفل مرتبط بهذه التغيرات. النمو المعرفي لدى بياجيه: لفهم النمو المعرفي لدى الطفل من وجهة نظر بياجيه، علينا أن نُلم بمفهومين استخدمهما وهما: البنية العقلية: ويُقصد بها: حالة التفكير الموجودة لدى الطفل في أي مرحلة من مراحل نموه، أي: أنها قابلة للتغير، وتتأثر نتيجة تفاعل الطفل مع بيئته، وكلما تفاعل الطفل مع بيئته نتيجة لنموه كلما تطورت خصائص النشاط العقلي لديه بشكل أسرع. الوظائف العقلية: ويُقصد بها: العمليات التي يلجأ إليها الطفل عندما يتفاعل مع المؤثرات الموجودة في بيئته، وهذه الوظائف موروثة أي أنها ثابتة لا تتغير. وللتفكير وظيفتين أساسيتين هما: 1- التنظيم: ويعني: ميل الطفل إلى ترتيب وتنسيق العمليات العقلية بحيث تتواءم تلك العمليات في أنظمة كلية متناسقة ومتكاملة، ومن خلال هذه الوظيفة يستطيع المتعلم أن ينظم كافة العمليات البيولوجية الضرورية لبقائه. 2- التكيف: وتعني: ميل المتعلم إلى التأقلم مع بيئته، ولا يستطيع الاستمرار في تلك البيئة إذا لم يحصل التكيف المطلوب معها. يفسر بياجيه التعلم النشط لدى الطفل من خلال عمليتين هما: 1- الملاءمة: تختص بما يجري داخل البناء العقلي، أو التراكيب الموجودة لدى الطفل من الداخل. 2- التمثُّل: هي عملية تتشكل نتيجة للعوامل الحسية والاجتماعية الموجودة خارج الطفل نفسه. تجري هاتان العمليتان في آن واحد بحيث يسعى المتعلم إلى تحقيق ما يسميه بياجيه "عملية التوازن". تفسير بياجيه للذكاء: - يفسر بياجيه الذكاء على أنه نوع من التوازن تسعى إليه كل التراكيب العقلية، أي: تحقيق الاتزان بين العمليات العقلية المتفاعلة داخل الإنسان "الملاءمة"، والظروف الحسية والاجتماعية من خارجه "التمثل". - نظرًا لأن المؤثرات البيئية المحيطة بالإنسان في تغير مستمر، وبالتالي فإن تفاعلها مع العمليات العقلية المتفاعلة في داخل الإنسان يبقى في تغير مستمر، وهذا يعني أن عملية إحداث التوازن عملية ديناميكية مستمرة لا تتحقق تمامًا أبدًا. - عملية التكيف أو التطور العقلي لا تحدث إذا جرى تمثيل المؤثرات الخارجية دون إحداث تغيير في البنية العقلية، كما أنها لا تحدث إذا كان الموقف أقل بكثير أو أكبر بكثير مما يحتاجه أو يقدر عليه المتعلم. - التطور العقلي يحدث لدى المتعلم إذا كان التناقض بين البنية العقلية والموقف الذي يجابهه المتعلم كافيًا لإثارة اهتمامه بحيث يدفعه إلى إيجاد حل لهذا الخلاف أو التناقض، وهذا ما يمكن أن نسميه الدافعية الداخلية للمتعلم. التعلم والتطور الفكري عند بياجيه: - استخدم بياجيه تعبير التعلم ليعني كسب المعلومات، وهذا في رأيه يحدث حين يظل المتعلم سلبيًا أو حين يُلقن المعلومات تلقينًا، وهنا لا يحدث تطور فكري إلا إذا حدث نوع من التناقض في مفاهيم الفرد، وعندما يحدث هذا التناقض تبدأ عملية التوازن بالتحرك. - أي أن التطور الفكري يحدث حين يكون المتعلم نشطًا، أما التعلم فيحدث حين يكون سلبيًا عديم النشاط، وهذا يعني أن عملية النشاط في رأي بياجيه هي العنصر الحاسم في عملية التطور الفكري. - نادى بياجيه بضرورة تزويد الطفل ببيئة غنية بالمثيرات العقلية إذا أردنا حدوث تطور فكري له، وليس مجرد تعلم محدود، إذ أن التعلم السلبي في رأي بياجيه في مستوى أقل من التطور الفكري. - رأى بياجيه أيضًا أن طرق التدريس يجب أن تركز على إتاحة الفرص للمتعلم للاكتشاف والوصول إلى المعارف والمعلومات بنفسه طالما كان قادرًا على ذلك وعدم الاعتماد على التلقين. مراحل التطور الفكري: يرى بياجيه أن التراكيب أو الأبنية العقلية لدى الطفل والمميزة لذكائه تمر في أربع مراحل متتالية تعتبر كل مرحلة منها مسئولة عن نوع معين من أنواع التفكير وهذه المراحل هي: مرحلة التفكير الحسي - الحركي: - تبدأ هذه المرحلة منذ الولادة وتنتهي في سن الثانية من العمر. - ينصب اهتمام الطفل خلالها على اكتشاف الأشياء، فمثلًا: يتعلم طول المسافة حين يمد يده لالتقاط شيء ما، كما يتعلم ما يحدث عندما يدفع جسمًا أمامه أو يلمس شيئًا باردًا أو ساخنًا. - يُطور الطفل خلال هذه المرحلة مفهوم "ثبات الأشياء": أي الوعي بأن الأشياء موجودة على الرغم من أنه لا يراها أمامه، فمثلًا: - إذا كان الطفل يلعب بدمية فأخذناها منه أو أخفيناها، فإن الطفل حتى سن الثمانية أشهر لا يحاول مد يده لاستعادتها، كما لا يبدو عليه الانزعاج ويتصرف وكأن الدمية غير موجودة. - أما إذا فعلنا نفس الشيء مع طفل في الشهر الحادي عشر من عمره مثلًا، فإنه يبدأ في البحث عن الدمية، ومع ذلك فإن بحثه يظل محدودًا، فهو يبحث عنها في المكان الذي اعتاد أن يجدها فيه، ولا يبدأ في البحث عنها في أماكن أخرى إلا في نهاية السنة الثانية من عمره. مرحلة تفكير ما قبل العمليات: - تبدأ هذه المرحلة من نهاية السنة الثانية، وتمتد حتى نهاية السنة السابعة. - يكتسب الطفل في هذه المرحلة القدرة على تمثيل الأشياء والأحداث برموز كاستخدام اللغة في التعبير عن حدث جرى قبل ساعات، وبعد أن كان تفاعله مع البيئة آنيًا في المرحلة السابقة أصبح قادرًا على اختزان الأحداث لاستعمالها فيما بعد. - من أهم خصائص التفكير في هذه المرحلة: أن الطفل لا يدرك ظاهرة "ثبات خصائص الأشياء"، فمثلًا: - إذا شكلنا قطعة من الصلصال أمام طفل هذه المرحلة في شكل كرة، ثم شكلناها على شكل عصا طويلة باستخدام نفس الكمية من الصلصال، فإن الطفل يعتقد أن كمية الصلصال في العصا أكثر رغم استخدامنا نفس الكمية في الحالتين. - إذا وضعنا كمية من الماء في إناء واسع القاعدة، ثم عرضناه على طفل هذه المرحلة، ثم أفرغنا الماء نفسه في إناء طويل ضيق القاعدة، فإن الطفل يعتقد أن كمية الماء في الإناء الطويل أكثر من الكمية التي كانت في الإناء العريض. - أي أن الطفل لا يدرك أن الكمية "الكتلة" لجسم ما لا تتغير عندما يتغير الشكل أو عند تقسيمها إلى أجزاء؛ لذلك فإن البعض يطلق على هذه المرحلة اسم " مرحلة ما قبل التفكير المنطقي ". مرحلة التفكير المادي الواقعي "مرحلة العمليات المحسوسة": - تمتد هذه المرحلة من سن السابعة إلى سن الحادية عشرة، أي: مدة الالتحاق بالمدرسة الابتدائية. - في هذه المرحلة يتمكن الأطفال من تطوير مفهوم "ثبات خصائص الأشياء" كمفاهيم الطول، والكتلة، أو الكمية والعدد. - طفل هذه المرحلة يصبح قادرًا على إجراء عمليات التصنيف البسيطة كتصنيف الأشياء الحية، وغير الحية، أو تصنيف مجموعة أشياء على أساس بعدين كاللون والشكل، وإجراء العمليات الرياضية البسيطة كالجمع والطرح والضرب والقسمة، كما يبدأ في تكوين مفهوم الزمن: الماضي والحاضر والمستقبل. - طفل هذه المرحلة يجد صعوبات في: - القدرة على الاستدلال اللفظي. - ضعف القدرة على اكتشاف المغالطات الرياضية. فمثلًا: إذا عرضنا على طفل هذه المرحلة مشكلة رياضية من نوع: إذا كان أحمد أطول من سعيد، وكان أحمد أقصر من إبراهيم. فمن هو أطولهم؟ نجد أن معظم أطفال هذه المرحلة يجدون صعوبة في الإجابة، لكن إذا استخدموا رسومًا أو نماذج محسوسة للتعبير عن معطيات المشكلة يصلون إلى الحل، وعدم وصولهم إلى حل المشكلة شفويًا يدل على ضعف الاستدلال اللفظي لديهم. - طفل هذه المرحلة غير قادر على تكوين المفاهيم والعمليات المجردة مثل: التيار الكهربي - الكثافة - الطاقة …… الخ. مرحلة التفكير المجرد: - تمتد هذه المرحلة من سن الثانية عشرة إلى الخامسة عشرة، وإن كانت النتائج تشير في كثير من الأحيان إلى أن كثير من المتعلمين لا يدخلون هذه المرحلة قبل سن الرابعة عشرة أو الخامسة عشرة، ويستمر استخدام التفكير المجرد أو الشكلي مدى الحياة. - يتميز المتعلم في هذه المرحلة بقدرته على التعامل مع جميع الأشياء والأحداث، وممارسة مهارات التفكير الفرضي - الاستدلالي، وتقود هذه المرحلة إلى مستوٌ عالٍ من التوازن. - يتصف الاتزان بأربعة مزايا اجتماعية هامة هي: أ- يصبح العالم الاجتماعي للفرد موحدًا تحكمه العقلانية لا الانفعال. ب- يتضاءل التمركز حول الذات ليحل محله شعور بالتكامل الاجتماعي. ج- يعتمد تطور الشخصية على قدرات الاتصال الذاتي للفرد بالآخرين. د- يحل معنى المساواة محل الخضوع لسلوك ورغبات الكبار. خلاصة نظرية بياجيه في النمو المعرفي: إن النمو المعرفي هو من أهم عناصر السلوك المدخل للمتعلم, الذي يجب أن يحيط به المعلم؛ لما له علاقة مباشرة بالممارسات التعليمية. وخبرات التعلم؛ وعلية فإن عالم النفس الفرنسي الشهير جان بياجيه ينظر إلى النمو المعرفي من منظورين, هما: البنية العقلية, والوظائف العقلية, ويعتبر أن فهم النمو المعرفي لا يتم إلا بمعرفتهما. يشير البناء العقلي إلى حالة التفكير التي توجد لدى الفرد في مرحلة ما من مراحل نموه, أما الوظيفة العقلية فتشير إلى العمليات التي يلجأ إليها الفرد عند تفاعله مع مثيرات البيئة التي يتعامل معها. ويرى بياجيه بأن مراحل النمو المعرفي, هي كما يلي: تأثرت التربية تأثرًا شديدًا بنظرية بياجيه، الذي قسم المراحل المعرفية التي يمر بها الفرد تقريبًا لأربع مراحل هم: مرحلة الإحساس "الحس - حركي": من بداية الميلاد إلى عمر سنتين. مرحلة ما قبل العمليات: 2- 6 سنة، حيث يستخدم الطفل اللغة والكلمات. مرحلة العمليات الملموسة: 7- 12 سنة، حيث يصبح الطفل قادرًا على التفكير المنطقي, ويتعلم طرق الحفظ. مرحلة العمليات الشكلية أو المجردة: 12 سنة فما فوق، فهي مرحلة العمليات المجردة التي يصل إليها بناءً على الفرضيات. وكل مرحلة تعتبر قاعدة للمرحلة التالية، والأطفال يمرون بتلك المراحل بالترتيب، ولكن توجد فروق فردية بينهم بعضهم مثلًا يدخل مرحلة العمليات الملموسة في سنة الخامسة، وقد يتأخر البعض إلى سن التاسعة، وهذا يرجع إلى عوامل منها النضج، وما يتأثر به، والتفاعل الاجتماعي والخبرات الرياضية المنطقية، وفسر التعلم على أنه عملية توازن، وهو يحدث بطريقتين إما الاستيعاب أو التعديل أو الموائمة، ومن أهم المبادئ التي ذكرها بياجيه: أن التعلم في العالم الحقيقي يتم بالانتقال من الملموس للمجرد "التجريب". أن الأطفال يتعلمون من خلال المرور بالخبرات البسيطة للخبرات المركبة. أكد بياجيه أن كل طفل يمر في المراحل الأربعة بتتابع منظم، ولكن أعمار كل مرحلة وهي أعمار تقريبية، وتتأثر سرعة تقدم الطفل من مرحلة إلى أخرى بالعوامل الوراثية، والثقافية، والبيئية في مجتمعه. تشير الدراسات إلى وجود فروق بين أطفال العمر الواحد في النمو المعرفي قد تصل أحيانًا إلى 3 أو 4 سنوات، كما أن الطفل لا يفكر دائمًا بالمستوى نفسه أمام جميع المواقف، وأن تطور التفكير متدرج ولا توجد حدود فاصلة دقيقة بين مراحل هذا التطور. هناك إجماعًا بين المعلمين على قبول النتائج التي توصلت إليها نظرية بياجيه والتي تقول أن أطفال المرحلة الابتدائية تعتمد على المواقف العملية الملموسة، وأنهم لا يستطيعون التفكير بطريقة تجريدية. كان لنتائج بياجيه أثرها وصداها على مناهج المدرسة الابتدائية، وخاصة الاهتمام بالنواحي العملية، والاستطلاعية، وخصوصًا طرق التدريس المبنية على تشجيع الاكتشاف. ...يتبع...
Posted on: Fri, 27 Sep 2013 05:48:10 +0000

Trending Topics



Recently Viewed Topics




© 2015